سورة النور - تفسير تفسير السيوطي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النور)


        


{وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (22)}
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {ولا يأتل أولوا الفضل} يقول: لا تقسموا أن لا تنفقوا على أحد.
وأخرج ابن المنذر عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان مسطح بن اثاثة ممن تولى كبره من أهل الإِفك، وكان قريباً لأبي بكر، وكان في عياله، فحلف أبو بكر رضي الله عنه أن لا ينيله خيراً أبداً، فأنزل الله: {ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة} قالت: فأعاده أبو بكر إلى عياله وقال: لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا تحللتها، وأتيت الذي هو خير.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله: {ولا يأتل أولوا الفضل منكم....} قال: «نزلت هذه الآية في رجل من قريش يقال له مسطح، كان بينه وبين أبي بكر قرابة، وكان يتيماً في حجره، وكان ممن أذاع على عائشة ما أذاع، فلما أنزل الله براءتها وعذرها، تألى أبو بكر لا يرزؤه خيراً، فأنزل الله هذه الآية. فذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم دعا أبا بكر، فتلاها عليه فقال: ألا تحب أن يغفر الله لك؟ قال: بلى قال: فاعف عنه وتجاوز فقال أبو بكر: لا جرم... والله لا أمنعه معروفاً كنت أوليه قبل اليوم».
وأخرج ابن المنذر عن الحسن قال: كان ذو قرابة لأبي بكر ممن كثر على عائشة، فحلف أبو بكر لا يصله بشيء وقد كان يصله قبل ذلك، فلما نزلت هذه الآية {ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة...} إلى آخر الآية فصار أبو بكر يضعف له بعد ذلك بعدما نزلت هذه الآية ضعفي ما كان يعطيه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال: حلف أبو بكر لا ينفع مسطح بن أثاثة، ولا يصله، وكان بينه وبين أبي بكر قرابة من قبل النساء، فأقبل إلى أبي بكر يعتذر فقال مسطح: جعلني الله فداءك والله الذي أنزل على محمد ما قذفتها، وما تكلمت بشيء مما قيل لها أي خالي- وكان أبو بكر خاله- قال أبو بكر: ولكن قد ضحكت وأعجبك الذي قيل فيها قال: لعله يكون قد كان بعض ذلك، فأنزل الله في شأنه {ولا يأتل أولوا الفضل...}.
وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه عن محمد بن سيرين قال: حلف أبو بكر في يتيمين كانا في حجره، كانا فيمن خاض في أمر عائشة؛ أحدهما مسطح بن اثاثة قد شهد بدراً، فحلف لا يصلهما ولا يصيبا منه خيراً. فنزلت هذه الآية {ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة....}.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة...} قال: كان ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رموا عائشة بالقبيح، وأفشوا ذلك، وتكلموا فيها، فأقسم ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أبو بكر، أن لا يتصدقوا على رجل تكلم بشيء من هذا ولا يصلوه قال: لا يقسم أولوا الفضل منكم والسعة أن يصلوا أرحامهم، وأن يعطوهم من أموالهم كالذي كانوا يفعلون قبل ذلك، فأمر الله أن يغفر لهم وأن يعفو عنهم.
وأخرج ابن المنذر عن أبي سلمة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما نقص مال من صدقة قط. تصدقوا، ولا عفا رجل عن مظلمة إلا زاده الله عزا. فاعفوا يعزكم الله، ولا فتح رجل على نفسه باب مسألة يسأل الناس إلا فتح الله له باب فقر. إلا أن العفة خير».
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم وابن أبي الدنيا في ذم الغضب، والخرائطي في مكارم الأخلاق، والحاكم والطبراني وابن مردويه والبيهقي في سننه، عن أبي وائل قال: رأيت عبد الله أتاه رجل برجل نشوان فأقام عليه الحد ثم قال للرجل الذي جاء به: ما أنت منه؟ قال: عمه. قال: ما أحسنت الأدب ولا سترته {وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم....} ثم قال عبد الله: إني لأذكر أول رجل قطعه النبي صلى الله عليه وسلم أتى رجل فلما أمر به لتقطع يده كأنما سف وجهه رماداً فقيل: يا رسول الله كان هذا شق عليك قال: «لا ينبغي أن تكونوا للشيطان عوناً على أخيكم، فإنه لا ينبغي للحاكم إذا انتهى إليه حد إلا أن يقيمه، وإن الله عفو يحب العفو، ثم قرأ {وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم}».


{إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23)}
أخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات} قال: نزلت في عائشة خاصة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني عن خصيف قال: قلت لسعيد بن جبير أيما أشد: الزنا أم القذف؟ قال: الزنا. قلت: إن الله يقول {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات} قال: إنما أنزل هذا في شأن عائشة خاصة.
وأخرج الطبراني عن الضحاك قال: نزلت هذه الآية في عائشة خاصة {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات}.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الضحاك {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات} قال: إنما عني بهذا نساء النبي صلى الله عليه وسلم خاصة.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن أبي الجوزاء {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات} قال: هذه لأمهات المؤمنين خاصة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سلمة بن نبيط {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات} قال: هن نساء النبي صلى الله عليه وسلم.
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس. أنه قرأ سورة النور ففسرها، فلما أتى على هذه الآية {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات} قال: هذه في عائشة وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يجعل لمن فعل ذلك توبة، وجعل لمن رمى امرأة من المؤمنات من غير أزواج النبي صلى الله عليه وسلم التوبة، ثم قرأ {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء} إلى قوله: {إلا الذين تابوا} ولم يجعل لمن قذف امرأة من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم توبة، ثم تلا هذه الآية {لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم} فهم بعض القوم أن يقوم إلى ابن عباس، فيقبل رأسه لحسن ما فسر.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن عائشة قالت: رميت بما رميت به وأنا غافلة، فبلغني بعد ذلك: فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم عندي جالس، إذ أوحي إليه وهو جالس، ثم استوى، فمسح على وجهه وقال: يا عائشة ابشري فقلت: بحمد الله لا بحمدك فقرأ {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات} حتى بلغ {أولئك مبرؤون مما يقولون}.


{يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24)}
أخرج أبو يعلى وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا كان يوم القيامة عرف الكافر بعمله فجحد وخاصم فيقال: هؤلاء جيرانك يشهدون عليك فيقول: كذبوا فيقال: أهلك وعشيرتك فيقول: كذبوا فيقال: احلفوا فيحلفون، ثم يصمتهم الله وتشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم، ثم يدخلهم النار».
وأخرج ابن مردويه عن أبي أيوب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أول من يختصم يوم القيامة الرجل وامرأته، فما ينطق لسانها ولسانه ولكن يداها ورجلاها، يشهدان عليها بما كانت تغتاله، أو توليه أو كلمة نحوها، ويداه ورجلاه يشهدون عليه بما كان يوليها، ثم يدعى الرجل وخوله فمثل ذلك».
وأخرج أحمد وابن مردويه عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنكم تدعون مقدمة أفواهكم بالفدام، وإن أول ما يبين عن أحدكم فرجه وكفه».
وأخرج ابن مردويه عن أبي امامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أول ما ينطق من ابن آدم يوم القيامة فخذه».
وأخرج ابن مردويه عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أول ما يستنطق من ابن آدم جوارحه في محاقير عمله. فيقول وعزتك يا رب إن عندي المضرات العظام».
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن مردويه عن أبي أمامة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إني لأعلم آخر رجل من أمتي يجوز الصراط، رجل يتلوى على الصراط كالغلام حين يضربه أبوه تزلّ يده مرة فتصيبها النار، وتزل رجله مرة فتصيبها النار، فتقول له الملائكة: أرأيت إن بعثك الله من مقامك هذا فمشيت سوياً أتخبرنا بكل عمل عملته؟ فيقول: أي وعزته لا أكتمكم من عملي شيئاً فيقولون له: قم فامش سوياً. فيقوم فيمشي حتى يجاوز الصراط فيقولون له: اخبرنا باعمالك التي عملت فيقول في نفسه: إن أخبرتهم بما عملت ردوني إلى مكاني فيقول: لا وعزته ما عملت ذنباً قط فيقولون: إن لنا عليك بينة، فيلتفت يميناً وشمالاً هل يرى من الآدميين ممن كان يشهد في الدنيا أحد. فلا يراه فيقول: هاتوا بينتكم فيختم الله على فيه، فتنطق يداه ورجلاه وجلده بعمله فيقول: أي وعزتك لقد عملتها وان عندي العظام العظائم المضرات فيقول: اذهب فقد غفرتها لك».
وأخرج ابن مردويه وابن جرير عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أول عظم يتكلم من الإِنسان بعد أن يختم على فيه فخذه من جانبه الأيسر».

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8